مواطن يبحث عن وطن(63)

 مواطن يبحث عن وطن(63)


الايام نيوز - حسن الوريث 

.. اعلام مريض ومعركة الوعي الفاشلة.. 

قال لي زميلي المواطن العزيز.. 

قبل حوالي ثلاث سنوات كتبت انت بالحرف الواحد " تأثير تقرير واحد من قناة الجزيرة يساوي اعلام حكومة صنعاء كاملا الحكومي والخاص " فهل مازلت عند هذا الرأي؟ .. قلت له يا زميلي المواطن العزيز.. نعم بل زادت قناعتي أكثر ان إعلام حكومة صنعاء مريض ومتهالك وفاشل .

قال لي زميلي المواطن العزيز.. 

ما الذي جعلك تقول هذا الكلام؟.. قلت له هل تعلم أن إعلامنا مازال عمله روتينيا .. ناقلا للحدث .. ولم يصل إلى مرحلة التأثير في الأحداث وصناعتها كما هو حال الاعلام في كل بلدان العالم ؟ وهل تعلم أن لدينا خمس قنوات حكومية لكنها كغثاء السيل وعملها عبارة عن نسخ لصق كل قناة من الأخرى برامج رتيبة ومملة واخبار مكررة وأداء هزيل كما هو الحال في القنوات الخاصة ؟وهل تعلم أن الصحف والمواقع الإلكترونية نسخة طبق الأصل من بعضها ؟ وهل تعلم أن لدينا أكثر من ٢٨ إذاعة محلية اغلبها لاتقدم المحتوى الاعلامي الصحيح الذي يرتقي بوعي الفرد والمجتمع إلى  المستوى المأمول لان فاقد الشيء لا يعطيه بل على العكس فانها وعبر ما تقدمه من محتوى وبرامج تساعد على تفسخ المجتمع ؟ ثم اتعرف ان إعلام دول العدوان نجح بسبب فشل اعلامنا وانشغال مسئوليه بأمور هامشية لا علاقة لها بالإعلام؟ وهل تعلم أن نجاح اعلام دول العدوان في بث الإشاعات وتصويرها للناس على انها حقائق بل ان الكثير يقتنع بها ويدافع عنها وكل ذلك بسبب اعلامنا المريض والفاشل؟.

قال لي زميلي المواطن العزيز.. 

واين دور الجهة المسئولة عن الإعلام في ضبط المشهد الإعلامي الرسمي والخاص وتوجيهه نحو الأفضل ؟ .. قلت له .. انت تتحدث عن الجهة التي تتحمل مسؤولية هذا الهزال الذي يسمونه اعلام وهو في الحقيقة لا يمت للاعلام باي صلة فلدينا وزارة طويلة عريضة تسمى وزارة الإعلام لكنها من أكبر مسئول فيها إلى أصغر موظف لا يعرفون ماهي مهامهم وحولوا الوزارة إلى مجرد جهة لجباية الأموال فقط إلى درجة لا يمكن تخيلها كما أن التعيينات في الوزارة ومؤسساتها وهيئاتها وقنواتها تعتمد على الولاء والقرابة وليس على منطق الكفاءة والخبرة وأدى ذلك إلى تسلط أشخاص عليها لا يفهمون معنى الاعلام وبالتالي تدهور الأداء بشكل مريع وفشلها في القيام بواجبها ودورها المناط بها والوصول بالإعلام إلى حالة من الانهيار والتدهور والفشل في مواجهة الاعلام المضاد ما جعله يمدد ولا يبالي لان الذي امامه لا يعرف كوعه من بوعه في أساسيات الاعلام.

قال لي زميلي المواطن العزيز.. 

مأساة بل كارثة ان يصل إعلامنا إلى هذا المستوى الهزيل في الوقت الذي يجب ان يكون فيه اعلاما قويا يستطيع مواجهة اعلام دول العدوان الذي يكذب ويكذب ويكذب والناس يصدقونه بينما نحن نمتلك الحقيقة والمظلومية والحق أيضا لكن إعلامنا فاشل ومريض ولم يستطع ولن يستطيع التأثير حتى في وعي المواطن هنا فما بالك بالتأثير على الآخرين ومازال أولئك المتسلطون على مفاصل الاعلام لا يعرفون ان

الاعلام محرقة الأموال لكنه في اليمن محرقة الاعلاميين فالكثير من الكوادر الاعلامية في اليمن يقبعون في بيوتهم طاقاتهم معطلة في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة الى خبراتهم ومهاراتهم في مواجهة العدوان على اعتبار ان الجبهة الاعلامية جناح من اجنحة المواجهة فهل هناك من يعقل ويعي ذلك أم لا ؟ وفي الواقع انهم لم يعرفوا ان مؤسسات الإعلام الرسمي في بلادنا شهدت ومازالت تشهد تدهوراً متسارعاً على مختلف الصعد المهنية والمالية والإدارية وأحياناً القيمية إلى درجة مخيفة تجعل من المتابع لهذا الإعلام في حيرة من أمره حول دوره المفترض في التعبير بمهنيّة ومسؤوليّة وطنيّة لإيصال رسالة الوطن وتجسيد القيم الأصلية للمجتمع اليمني وحماية النسيج الاجتماعي والحفاظ على الوحدة الوطنية وانا اعتقد ومعي الكثيرون أن دور الإعلام الرسمي خاصة غاب تماماً ونهائياً وأصبح مفككاً يعمل دون رؤية أو استراتيجية واضحة فكل وسيلة من وسائل الإعلام الرسمية تعمل لنفسها وبنفسها بعيداً عن الأخرى وبمزاجية مسئوليها وبعضها يتحكم فيها شخص واحد هو الأمر الناهي الذي يسيرها وفق أهواءه وأهواء من يقف وراءه.

قال لي زميلي المواطن العزيز.. 

ماهو الحل من وجهة نظرك ؟ في اعتقادي ان الارتقاء بمستوى أداء الاعلام لن يتم إلا عبر إستراتيجية تنطلق من الالتزام بالحريّات الإعلاميّة والقيم المهنيّة والأخلاقيّة للعمل الإعلامي وتطوير الخطاب الإعلامي للدولة وتطوير مهنيّة أداء وسائل الإعلام وتحسين جودة المحتوى للإعلام وان تنظر الدولة والحكومة إلى هذا القطاع بعين المسئولية الوطنية من خلال تعيين مسئولين أكفاء يعرفون مكامن الخلل فيه وأساليب العلاج لانقاذ الإعلام مما يعانيه وإجراء مراجعة شاملة للتشريعات الإعلامية لتستوعب التطورات الهائلة التي شهدها قطاع الإعلام بشكل عام وتوفير الإمكانات اللازمة اما اذا ظل الوضع هكذا وبقي الاعلام غائباً عن أجندة الدولة والحكومة فلاشك أن البديل سيكون أسوأ مما تتوقعون .. فهل وصلت الرسالة وستقوم الحكومة والدولة بما يجب لاخراج الاعلام من الشرنقة إلى الفضاء الاوسع ليقوم بدوره المطلوب؟  أم أن الأمر سيبقى كما هو اعلام فاشل ومريض وتعيينات بمنطق القرابة والولاء وليس الكفاءة المهنية والخبرة ويظل المواطن يبحث عن وطنه المسلوب  والمفقود ؟.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عماله الاطفال في الجولات؛

مكتب الصحة بالحديدة ترفد مكتب الصحة بالميناء بأدوية