من حصانة الخضوع إلى خضوع الحصانة

 من حصانة الخضوع إلى خضوع الحصانة


الأيام نيوز - د/ عزيز مطهر الضبيبي 


 واقعنا في الآونة الأخيرة يحفل بمفارقات عجيبة توشك أن تقلب الحال رأساً على عقب، مفارقات جمة لامعنى لها إلا تشييع العدالة إلى مثواها الأخير، وإن شئت قلت وأدها حيةً في ريعان صباها  على يد من بات شغلهم الشاغل إلاستهداف الممنهج للقضاء، وكيفية التضييق على منتسبيه بشتى الوسائل؛ لإخضاعهم كرهاً على الاِنقياد والتبعية ،فهؤلاء لايريدون الإحتكام لشرع أو دين أو عرف،   وقد كشفت الأيام أن جل مراميهم باتت أن لايكون للقضاء شوكة ومنعة، فبدأو يسلبونه كل يوم مقومات وجوده الضرورية منها: تجويعه ماديا ،وإسناد امره إلى الضعيف يتولاه ويعبث به دون وازع من دين أو ضمير، ومن ثمّ التشهير بمنتسبيه وسبهم على الملأ؛ لصرف العامة عنهم وافقادهم الثقة في اللجوء إليهم وانتهاءً بالمجاهرة علناً  بالخضوع لكيان دخيل عنهم لايمت لهم بصلة مالم فسيكون الأمر وبالاً عليهم .....الخ...


ورغم أن الجميع يعلم أن القضاة قد مسهم الضر والظلم، وكان حالهم على غرار المثل القائل :جوزي جزاء سنمار 

في ظل سكوت مجلس القضاء عن نصرتهم ووضع حد لمثل هذه الانتهاكات التي تطالهم صاحب ذلك سكوت السلطة أيضاً وهو مانعتبره قبولاً منها بمايحدث..


 ولذلك يجب على جميع القضاة أن يكونوا على قلب رجل واحد للدفاع عن استقلاليتهم حتى يتم الاستجابة لكافة مطالبهم وليعلموا إنما النصر صبر ساعة، واعلموا أنكم إذا قبلتم الدنية وانختم الروؤس لتصبحنَّ سبةً في كل موطن ولتكوننَّ مضرب المثل فيمن نكثت غزلها بعد قوة، وليعضنَّ  أحدكم غداً بنانه ويقرعنَّ  أسنانه ندماً واسفاً يوم لايجدي الندم،

 اليوم فئة قليلة توشك أن تستبيح حرماتكم، وتهتك استاركم وانتم كثر والشعب معكم فإن انتم خذلتموه، وآثرتم الهوان لينقلبنَّ الجميع عنكم غداً فلا ناصر لكم ولامعين، فلا سلطة تلوذون بحماها،ولامجلس يكترث لامركم، ولا العامة واثقون بكم،

حذاري التشتت في الأمر ،والفرقة في الرأي، فصلاح امركم بالاستمرار في المواجهة والتصعيد ليعلم الجميع أن من يمثل  القضاء ليس مجلسه فقط الذي ارتضى على نفسه الذل، بل القضاء أنتم فتمسكوا بمطالبكم وواصلوا الإضراب والاحتجاج، واعتصموا، وصابروا، والعامة قلوبها تلهج بالدعاء لكم؛ فلاخير في أمة لاتستقل بقضاءها ،ولاخير في أمة يجبر قضاتها قصراً على الخضوع،

 وأنها حقا لمفارقات عجيبة فقد الفنا وتعودنا أن القضاة يخضعون الجميع لشرع الله ودينه ولم نكن نتوقع أن نعيش الى وقت يتبدل فيه الحال ويطلب من  القضاة بل ويؤمرون  باللفظ الصريح أن يخضعوا  للباطل،

 ولاندري كيف تمخضت تجارب الشعوب والأمم على مر العصور حتى اطمأنت أنه لاوجود للدولة الا بسلطات ثلاث مستقلة عن بعضها ولاوجود لحضارة أو مدنية إلا إذا كانت سدة الحكم موكولة إلى يد قضاة لهم من الشوكة والحصانة مايمكنهم من أداء رسالتهم السماوية؟؟  ثم يأتي بعد ذلك كله من يحاول العودة بنا إلى الوراء !!

فالحضارات والشعوب والدول كافحت لتصل بتجاربها الإجتماعية معلنة مبدأ العدالة ومرتكزها الحاسم القائم على مبدأ الفصل بين السلطات وأن لاسلطان على القضاء إلا للقانون وأن التدخل في أعمال السلطة القضائية جريمة لاتسقط بالتقادم،

وفي شريعتنا الغراء القضاء شعيرة من شعائر الدين الإسلامي

ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب

وتعظيمها باحترام القائمين عليها .

وحرصاً منا على استقلالية القضاء نوجه يد العون لقضاتنا الاجلاء بأن تماسكوا فمصير الشعب كله بيدكم فلا تهنوا ولاتجبنوا واثبتوا وواصلوا واستمروا بالاضراب فأنتم الاعلون باذن الله والشعب معكم يرى ويسمع ويقف مع مظلوميتكم مظلومية الشعب كله واعلموا أن المحامون بدعمهم لتعليق العمل القضائي رغم مايرتبه ذلك عليهم من أضرار فذلك لايكون منهم إلا لأمر جلل يوشك أن سُكِتَ عنه أن يقوض بنيان المجتمع وهو مايأباه كل محامٍ حر يغار على مجتمعه ولتحاشي مالايحمد عقباه آثر المحامون مصلحة الجماعة على مصالحهم الآنية وسعو لدعم  التعليق  وكرسوا انفسهم لدعم مظلومية القضاء والوقوف إلى جانبه في سابقة لم يسبق لها مثيل فإذا ماتخليتم  عن موقفكم ولم تتعاملوا بحزم فستجنون كل الويل على انفسكم وعلى الشعب وستطلبون انصافا فلن تجدوه فحينها الغلبة لحجة القوة لاقوة الحجة..


كلمة أخيرة...

من إعتدى على زملائنا القضاة والقضاء ككل فهو معتدٍ على عدالة الله في الأرض، وأستحق العقاب والعذاب أولهما في الدنيا وثانيهما في الأخرة والله فوق كيد المعتدين.

تضامننا الكامل معكم أيها الشرفاء الأحرار القضاة الأعزاء حتى النصر والإنتصار لجميع حقوقكم ومطالبكم المشروعة ولن نقبل بالذل والخنوع والهوان فكرامتكم وعزكم وقوتكم هو مانستمد منه عزتنا وقوتنا فكيف بقاضٍ لم يستطع الانتصار لحقوقه سيتمكن من الإنتصار للمواطن الذي لجأ للقضاء وللقاضي للحصول على حقه من لدى الغير كائنا ً من كان.

 

 واصلوا الإضراب حتى يقيل مجلسكم نفسه ،أو تنتزعوه جبراً ، وحتى يتم إغلاق مسمى قناة الهوية، وتقديم كافة مذيعيها للمحاكمة، والغاء المنظومة الاعدلية، وصرف رواتبكم وحينها فقط سيعود القضاء مستقلا منيعا كما الفناه وكما ينبغي له أن يكون .


الأمانة العلمية والعملية أوجبت علينا نشر هذا المنشور ولمن سيتهمنا بالزوبعة نقول له : إنما امتثلنا قوله تعالى في محكم كتابه :( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) صدق الله العظيم.وكذا  قول الحبيب المصطفى: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ،فمن لم يستطع فبلسانه ،فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) صدق رسول الله.


المحامي الدكتور / عزيز مطهر الضبييي.استاذ القانون الجنائي المساعد بكلية الشريعة والقانون بجامعة الحديدة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عماله الاطفال في الجولات؛

مكتب الصحة بالحديدة ترفد مكتب الصحة بالميناء بأدوية